وممن ذكر ذلك ابن الجوزيّ ، ونقلته من خطّه في كتاب «مثير العزم الساكن» وقد ضبطه بإسكان الباء الموحّدة ، وكسر الراء المخفّفة ، وهو كذلك ، يقال : أبرد فهو مُبْرِدٌ.
وذكره أيضاً الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل ، ووفاته سنة سبع وثمانين ومائتين في «مناسك» له لطيفة جرّدها من الأسانيد ، ملتزماً فيها الثبوت ، قال فيها : وكان عمر بن عبد العزيز يبعث بالرسول قاصداً من الشام إلى المدينة ؛ ليقرئ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ يرجع.
وهذه المناسك رواية شيخنا الدمياطيّ : أنا ابن خليل ، أنا الطرطوسيّ (١) والكرانيّ ، أنا الصيرفيّ ، حدثنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن شاذان ، حدثنا القباب ، حدثنا ابن أبي عاصم.
فسفر بلال في زمن صدر الصحابة ، ورسول عمر بن عبد العزيز في زمن صدر التابعين من الشام الى المدينة ، لم يكن إلّا للزيارة والسلام على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يكن الباعث على السفر غير ذلك ؛ لا من أمر الدنيا ، ولا من أمر الدين ، لا من قصد المسجد ، ولا من غيره ، وإنما قلنا ذلك لئلّا يقول بعض من لا علم له : إنّ السفر لمجرّد الزيارة ليس بسنّة! وسنتكلّم على بطلان ذلك في موضعه.
وأمّا من سافر الى المدينة لحاجة ، وزار عند قدومه ، أو اجتمع في سفره قصد الزيارة مع قصد آخر فكثير.
وقد ورد عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهريّ قال : قدمت على عمر بن عبد العزيز ، فلمّا ودّعته قال : لي إليك حاجة ، إذا أتيت المدينة سترى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فأقرئه منّي السلام.
__________________
(١) في (ه) : الطرطوشي.