ولا غنى بهم عن علمه ، حتّى يذكر زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيصف ذلك فيقول :
ثمّ تأتي القبر فتستقبله ، وتجعل القبلة وراء ظهرك وتقول : السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، حتّى يصف السلام والدعاء.
ثمّ يقول : وتقدم على يمينك قليلاً وتقول : السلام عليك يا أبا بكر وعمر.
وإنّ الناس يحجّون البيت من كلّ فجّ عميق وبلد سحيق ، فإذا أتوا البيت لا يشكّون أنّه بيت الله المحجوج إليه ، وكذلك ما يأتونه من أعمال المناسك وفرائض الحجّ وفضائله ينادي بعضه بعضاً ، حتّى يأتوا قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيسلّمون عليه وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وقد أدركنا الناس ورأيناهم ، وبلغنا عمّن لمن نره أنّ الرجل إذا أراد الحجّ فسلّم عليه أهله وصحابته قالوا له : وتقرأ على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبي بكر وعمر منّا السلام ، فلا ينكر ذلك أحد ولا يخالفه.
هذا كلام ابن بطة رحمهالله تعالى ، وقد أنبأنا به جماعة من شيوخنا عن الحافظ أبي الحجّاج يوسف بن خليل بسنده إلى ابن بطة.
ومقصوده ومقصود الآجريّ الردّ على بعض الملحدة في إنكار دفن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمّا زيارته صلىاللهعليهوآلهوسلم فلم ينكرها أحد ، وإنّما جاءت في كلامهما على سبيل التبع ؛ لأنّه لم يظنّ أحد أن يقع فيها أو في السفر إليها نزاع في قرن الثمانمائة.
واستفيد من كلامهما أنّ سفر الحجيج إليها لم يزل في السلف والخلف ، وأنّها تابعة للمناسك.
وأبو بكر الآجريّ هذا قديم ، توفّي في المحرّم سنة ستّين وثلاثمائة ، وكان ثقة صدوقاً ديّناً ، وله تصانيف كثيرة ، وحدّث ببغداد قبل سنة ثلاثين وثلاثمائة ، انتقل إلى مكّة فسكنها حتّى توفّي بها.