استغفر للمؤمنين والمؤمنات ، لقوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ).
ولهذا قال عاصم بن سليمان ـ وهو تابعيّ ـ لعبد الله بن سرجس الصحابيّ رضى الله عنه : استغفر لك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
فقال : نعم ، ولك ، ثمّ تلا هذه الآية ، رواه مسلم (١).
فقد ثبت أحد الامور الثلاثة ؛ وهو استغفار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لكلّ مؤمن ومؤمنة ، فإذا وُجِدَ مجيئهم ، واستغفارهم ؛ تكمّلت الامور الثلاثة الموجبة لتوبة الله ورحمته.
وليس في الآية ما يعيّن أن يكون استغفار الرسول بعد استغفارهم ، بل هي مجملة (٢).
والمعنى يقتضي بالنسبة إلى استغفار الرسول أنّه سواء تقدّم أم تأخّر؟ فإنّ المقصود إدخالهم لمجيئهم واستغفارهم تحت من يشمله استغفار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وإنّما يحتاج إلى المعنى المذكور إذا جعلنا (اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) معطوفاً على (فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ) أمّا إن جعلناه معطوفاً على جَاءوكَ لم يحتج إليه.
هذا كلّه ، إن سلّمنا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يستغفر بعد الموت ، ونحن لا نسلّم ذلك ؛ لما سنذكره من حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم واستغفاره لأُمّته بعد موته.
وإذا أمكن استغفاره ، وقد علم كمال رحمته وشفقته على امّته ، فيعلم أنّه لا يترك ذلك لمن جاءه مستغفراً ربّه تعالى.
فقد ثبت على كلّ تقدير أنّ الامور الثلاثة المذكورة في الآية ، حاصلة لمن
__________________
(١) صحيح مسلم (٧ / ٨٦) كتاب الفضائل ، باب إثبات خاتم النبوّة ، وفي طبعة (٤ / ١٨٢٣) وانظر الشمائل للترمذي رقم ٢٢.
(٢) في الصارم (ص ٣١٤) : «محتملة» بدل : مجملة.