والتابعين ، وجميع علماء المسلمين ، والسلف الصالحين ؛ على وجوب تعظيم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والمبالغة في ذلك.
ومن تأمّل القرآن العزيز ، وما تضمّنه من التصريح والإيماء إلى وجوب المبالغة في تعظيمه وتوقيره والأدب معه ، وما كانت الصحابة يعاملونه به من ذلك ، امتلأ قلبه إيماناً ، واحتقر هذا الخيال الفاسد ، واستنكف أن يصغي إليه ، والله تعالى هو الحافظ لدينه : وَ (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي) و (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ).
وعلماء المسلمين متكفّلون بأن يبيّنوا للناس ما يجب من الأدب والتعظيم ، والوقوف عند الحدّ الذي لا يجوز مجاوزته ؛ بالأدلّة الشرعية ، وبذلك يحصل الأمن من عبادة غير الله تعالى.
ومن أراد الله ضلاله من أفراد الجهّال ، فلن يستطيع أحد هدايته.
فمن ترك شيئاً من التعظيم المشروع لمنصب النبوّة ؛ زاعماً بذلك الأدب مع الربوبيّة ، فقد كذب على الله تعالى ، وضيّع ما أمر به في حقّ رسله.
كما أنّ من أفرط وجاوز الحدّ إلى جانب الربوبيّة فقد كذب على رسل الله ، وضيّع ما أمروا به في حقّ ربّهم سبحانه وتعالى.
والعدل حفظ ما أمر الله به في الجانبين.
وليس في الزيارة المشروعة من التعظيم ما يفضي إلى محذور (١).
__________________
(١) وعند هذا الموضع ، قد انقطع ابن عبد الهادي عن ردّه السخيف على الإمام السبكي ، فصرم الله عمره وبتره بما أبداه على هذا الإمام الهمام من التعدّي والظلم وقد تركَ ما بقي من الكتاب ، وهو القسم الأكبر والأهم ويحتوي على الأبواب الخمسة المتبقية من (الباب السادس) إلى (الباب العاشر) التي جاء فيها الإمام السبكي بالعجب العجاب من الكلام الحكيم القويم ، والفقه الصائب ، والحقّ الصراح.
وقد شرحنا جانباً من أسباب نكوص السلفي البغيض عن التعرّض لهذه الأبواب في المقدّمة ، فراجع.