مسجد إلّا إلى المساجد الثلاثة ، أو لا تشدّ الرحال إلى مكان إلّا إلى المساجد الثلاثة.
ولا بدّ من أحد هذين التقديرين ليكون المستثنى مندرجاً تحت المستثنى منه.
والتقدير الأوّل أولى ؛ لأنّه جنس قريب ، ولما سنبيّنه من قلّة التخصيص أو عدمه على هذا التقدير.
ثمّ اعلم : أنّ السفر فيه أمران :
أحدهما : غرض باعث عليه ، كالحجّ ، أو طلب العلم ، أو الجهاد ، أو زيارة الوالدين ، أو الهجرة ، وما أشبه ذلك.
والثاني : المكان الذي هو نهاية السفر ، كالسفر إلى مكّة ، أو المدينة ، أو بيت المقدس ، أو غيرها من الأماكن لأيّ غرض كان.
ولا شكّ أنّ شدّ الرحال إلى عرفة لقضاء النسك ، واجب بإجماع المسلمين ، وليس من المساجد الثلاثة.
وشدّ الرحال لطلب العلم إلى أيّ مكان كان ، جائز بإجماع المسلمين ، وقد يكون مستحبّاً ، أو واجباً على الكفاية ، أو فرض عين.
وكذلك السفر إلى الجهاد ، ومن بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام ؛ للهجرة وإقامة الدين ، وكذلك السفر لزيارة الوالدين وبرّهما ، وزيارة الإخوان والصالحين ، وكذلك السفر للتجارة ، وغيرها من الأغراض المباحة.
فإنّما معنى الحديث : أنّ السفر إلى المساجد مقصور على الثلاثة على التقدير الأوّل الذي اخترناه.
أو أنّ السفر إلى الأماكن مقصور على الثلاثة على التقدير الثاني.
ثمّ على كلا التقديرين : إمّا أن يجعل المساجد أو الأمكنة غاية فقط ، وعلّة السفر أمراً آخر ، كالاشتغال بالعلم ونحوه من الأمثلة التي ذكرها ، فهذا جائز إلى