ولهذا يدّعي هو : أنّ الأحاديث الواردة في زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كلّها ضعيفة ، بل موضوعة (١).
ويستدلّ بقوله : «لا تتخذوا قبري عيداً» وبقوله : «لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».
وبأنّ هذا كلّه محافظة على التوحيد ، وأن اصول الشرك بالله اتخاذ القبور مساجد ، كما سنذكر ذلك في نصّ كلامه المنقول عنه.
وقد رأيت أيضاً فتيا بخطّه ، ونقلت منها ما أنا ذاكره ، قال فيها ـ ومن خطّه نقلت ـ :
[نصّ فتوى قديمة لابن تيمية]
وأمّا السفر للتعريف عند بعض القبور ، فهذا أعظم من ذلك ، فإنّ هذا بدعة وشرك ، فإنّ أصل السفر لزيارة القبور ليس مشروعاً ، ولا استحبّه أحد من العلماء ، ولهذا لو نذر ذلك لم يجب عليه الوفاء به بلا نزاع بين الأئمّة.
ثمّ قال : ولهذا لم يكن أحد من الصحابة والتابعين ـ بعد أن فتحوا الشام ، ولا قبل ذلك ـ يسافرون إلى زيارة قبر الخليل عليهالسلام ولا غيره من قبور الأنبياء التي بالشام ، ولا زار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من ذلك ليلة اسري به.
والحديث الذي فيه : «هذا قبر أبيك إبراهيم فانزل فصلّ فيه ، وهذا بيت لحم مولد أخيك عيسى ، انزل فصلّ فيه» كذب لا حقيقة له.
وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين سكنوا الشام ، أو دخلوا إليه ولم يسكنوه ، مع عمر بن الخطّاب رضي الله تعالى عنه وغيره ، لم يكونوا يزورون شيئاً من هذه
__________________
(١) لاحظ مواضع هذه العبارة في كلام ابن تيميّة وجروه ابن عبد الهادي في أول تعليقة لنا على هذا الكتاب (ص ٦٠).