عند الله» (١).
وأمّا الزيارة والدعاء والسلام ، فلا يؤدّي إلى ذلك ، ولهذا شرعه الله تعالى على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما ثبت من الأحاديث المتقدّمة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قولاً وفعلاً ، وتواتر ذلك ، وإجماع الأُمّة عليه.
فلو كانت زيارة القبور من التعظيم المؤدّي إلى الشرك ـ كالتصوير ونحوه ـ لم يشرّعها الله تعالى في حقّ أحد من الصالحين ، ولا فعلها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والصحابة في حقّ شهداء احد والبقيع وغيرهم.
وليس لنا أن نحرّم إلّا ما حرّمه الله وإن تخيّلنا : أنّه يفضي إلى محذور ، ولا نبيح إلّا ما أباحه الله وإن تخيّلنا : أنّه لا يفضي إلى محذور.
ولمّا أباح الزيارة وشرعها ، وسنّها رسوله ، وحظر اتخاذ القبور مساجد ، وتصوير الصور عليها ، قلنا بإباحة الزيارة ومشروعيّتها ، وتحريم اتخاذ القبور مساجد والتصوير.
فمن قاس الزيارة على التصوير في التحريم ، كان مخالفاً للنصّ ، كما أنّ شخصاً لو قال بإباحة اتخاذ القبور مساجد إذا لم يفضِ إلى الشرك ، كان مخالفاً للنصّ أيضاً.
والوسائل التي لا يتحقّق بها المقصود ، ليس لنا أن نجري حكم المقصود عليها إلّا بنصّ من الشارع ؛ فإنّ هذا من باب سدّ الذرائع الذي لم يقم عليه دليل.
فالمفضي إلى الشرك حرام بلا إشكال ، وأمّا الأُمور التي قد تؤدّي إليه ، وقد لا تؤدّي ، فما حرّمه الشرع منها كان حراماً ، وما لم يحرّمه كان مباحاً ؛ لعدم استلزامه للمحذور.
وهذه الأُمور التي نحن فيها من هذا القبيل :
__________________
(١) لاحظ صحيح البخاري (١ / ١١١ و ١١٢) و (٤ / ٢٤٥) وصحيح مسلم (٢ / ٦٦).