طاعة كان ذلك محرّماً بإجماع المسلمين ، فصار التحريم (من الأمر المقطوع به) (١) ، ومعلوم أنّ أحداً لا يسافر إليها إلّا لذلك.
وأمّا إذا قدّر (٢) أنّ الرجل يسافر إليها لغرض مباح ، فهذا جائز ، وليس من هذا الباب.
الوجه الثاني : أنّ (النفي يقتضي النهي) (٣) ، والنهي يقتضي التحريم.
وما ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فكلّها ضعيفة باتفاق أهل العلم بالحديث ، بل هي موضوعة! لم يروِ أحد من أهل السنن المعتمدة شيئاً منها! ولم يحتجّ أحد من الأئمّة بشيء منها!! (٤)
بل مالك ـ إمام أهل المدينة النبويّة ، الذين هم أعلم الناس بحكم هذه المسألة ـ كره أن يقول : «زرت قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم» ولو كان هذا اللفظ هو معروفاً عندهم ، أو مشروعاً ، أو مأثوراً عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكرهه عالم [أهل] المدينة!!
والإمام أحمد ـ أعلم الناس في زمانه بالسنّة ـ لمّا سئل عن ذلك لم يكن عنده ما يعتمد عليه ، [في ذلك من الأحاديث] إلّا حديث أبي هريرة : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال :
__________________
(١) في العقود والمجموع بدل ما بين القوسين : من جهة اتخاذه قربة.
(٢) في العقود والمجموع : (نذر الرجل أن يسافر) بدل : (قدّر أن الرجل يسافر).
(٣) في العقود والمجموع : بدل ما بين القوسين : «أن هذا الحديث يقتضي النهي». والأصوب ما في كتابنا ، لأنّ المذكور في الحديث هو النفي ، فلاحظ.
(٤) لاحظ ما علقناه في صدر الحديث الأول من الباب الأول من كتابنا هذا (ص ٦٠) وقال العلّامة ممدوح : شاع بين كثير من الناس (!) أن أحاديث الزيارة كلّها ضعيفة ، بل موضوعة!!
وهو خطأ بلا ريب ، ومصادم لقواعد الحديث بلا مين ، ويكفي اللبيب قول الذهبي الحافظ الناقد عن حديث الزيارة : طرقُه كلّها ليّنةٌ ، لكن يتقوّى بعضها ببعض لأنّ ما في روايتها متّهم بالكذب! نقله عنه السخاوي ، وأَقَرَّهُ ، في المقاصد الحسنة (ص ٤١٣) لاحظ (رفع المنارة ص ٩).