واستسقى به عام الرمادة فسقوا ، وفي ذلك يقول عبّاس بن عتبة بن أبي لهب :
بعمّي سقى الله الحجاز وأهله |
|
عشيّة يستسقي بشيبته عمر (١) |
واستسقى حمزة بن القاسم الهاشميّ ببغداد فقال : «اللهمّ إنّا من ولد ذلك الرجل الذي استسقى بشيبته عمر بن الخطّاب فسقوا» ، فما زال يتوسّل بهذه الوسيلة حتّى سقوا.
وروي أنّه لمّا استسقى عمر بالعبّاس ، وفرغ عمر من دعائه ، قال العباس : اللهمّ إنّه لم ينزل من السماء بلاء إلّا بذنب ، ولا يكشف إلّا بتوبة ، وقد توجّه بي القوم إليك لمكاني من نبيّك صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذه أيدينا إليك بالذنوب ، ونواصينا بالتوبة ... وذكر دعاء ، فما تمّ كلامه حتّى ارتخت (٢) السماء بمثل الجبال.
وكذلك يجوز مثل هذا التوسّل بسائر الصالحين ، وهذا شيء لا ينكره مسلم ، بل متديّن بملّة من الملل.
فإن قيل : لِمَ توسّل عمر بن الخطّاب بالعبّاس ، ولم يتوسّل بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بقبره؟
قلنا : ليس في توسّله بالعبّاس إنكار للتوسّل بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بالقبر.
وقد روي عن أبي الجوزاء قال : قحط أهل المدينة قحطاً شديداً فشكوا إلى
__________________
و (٥ / ٨٢) كتاب فضائل أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم باب (٤١) ذكر العبّاس ح ٢٢٩ ، وانظر فتح الباري (٢ / ٤٩٤) ، وأورده البغوي في شرح السنة (٣ / ٤٠٩) والبيهقي في دلائل النبوّة (٦ / ١٤٧) وفي السنن الكبرى (٣ / ٣٥٢).
(١) مرّ حديثه ، وأورده الحاكم في المستدرك (٣ / ٣٣٤) وفيه قول عمر : واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم.
ولاحظ مِنَح المدح لابن سيد الناس (ص ١٩١ ـ ١٩٢)
(٢) في الهندية : ارتجت.