قال البيهقيّ : وهذا إن صحّ بهذا اللفظ ، فالمراد به ـ والله أعلم ـ : لا يتركون لا يصلّون إلّا هذا المقدار ، ثمّ يكونون مصلّين فيما بين يدي الله تعالى.
قال البيهقيّ : ولحياة الأنبياء بعد موتهم ، شواهد من الأحاديث الصحيحة.
ثمّ ذكر البيهقي بأسانيده حديث : «مررت بموسى وهم قائم يصلّي في قبره».
وحديثَ : «قد رأيتني في جماعة من الأنبياء ، فإذا موسى قائم يصلّي ، وإذا رجل ضرب جعد كأنّه من رجال شنوءة ، وإذا عيسى بن مريم قائم يصلّي ، أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود الثقفيّ ، وإذا إبراهيم قائم يصلّي أشبه الناس به صاحبكم ـ يعني نفسه ـ فحانت الصلاة فأممتهم ، فلمّا فرغت من الصلاة قال قائل لي : يا محمّد ، هذا مالك صاحب النار فسلّم عليه ، فالتفتّ إليه فبدأني بالسلام» أخرجه مسلم (١).
وفي حديث سعيد بن المسيّب وغيره : أنّه لقيهم في بيت المقدس ، وفي حديث أبي ذر في صفة المعراج : أنّه لقيهم في السماوات ، وكلّموه وكلّمهم.
وكلّ ذلك صحيح لا يخالف بعضه بعضاً ، فقد رَأى موسى عليهالسلام قائماً يصلّي في قبره ، ثمّ يُسرى بموسى وغيره إلى بيت المقدس ، كما أُسري بنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ يعرج بهم إلى السماوات ، كما عرج بنبيّنا عليه الصلاة والسلام فيراهم فيها كما أخبر.
وحلولهم في أوقات بمواضع مختلفات ، فإنّه في العقل كما ورد في خبر الصادق ، وفي كلّ ذلك دلالة على حياتهم.
وممّا يدلّ على ذلك ما ساق إسناده إلى أوس بن أوس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أفضل أيّامكم يوم الجمعة ، وفيه خلق آدم ، وفيه قبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه ؛ فإنّ صلاتكم معروضة».
__________________
(١) صحيح مسلم (١ / ١٠٦ ـ ١٠٨) كتاب الايمان ، باب من ذكر المسيح.