وهذا أمر لا يحصره إلّا الله تعالى ، ويقصر العقل عن كنه حقيقته ، فكيف إذا اخذ مع كثرة الصحابة ، وكثرة التابعين ، وكثرة المسلمين في كلّ عصر!! فكلّ واحد من الصحابة يحصل له بعدد الاجور التي يترتّب على فعله إلى يوم القيامة ، وكلّ ما يحصل لجميع الصحابة حاصل بجملته للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبهذا يظهر رجحان السلف على الخلف ؛ فإنّه كلّما ازداد الخلف ازداد أجر السلف ، وتضاعف بالطريق الذي نبّهنا عليه.
ومن تأمّل هذا المعنى ، ورزق التوفيق ، انبعثت همّته إلى التعليم ، ورغب في نشره ؛ ليتضاعف أجره في حياته وبعد موته على الدوام ، ويكفّ عن إحداث البدع والمظالم من المكوس وغيرها ، فإنّها تضاعف عليه بالطريق التي ذكرناها ما دام يعمل بهذا ، فليتأمّل المسلم هذا المعنى ، وسعادة الهادي إلى الخير ، وشقاوة الداعي إلى الشرّ.
الثالث : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شهيد ، فإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا سمّ بخيبر ، وأكل من الشاة المسمومة ، وكان ذلك سمّاً قاتلاً من ساعته ، مات منه بشر بن البراء رضى الله عنه ، وبقي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وذلك معجزة في حقّه ، صار ألم السمّ يتعاهده إلى أن مات به صلىاللهعليهوآلهوسلم [وقال] في مرضه الذي ماتَ فيه : «ما زالت أكلة خيبر تعاودني حتّى كان الآن أوان قطعت أبهري».
قال العلماء : فجمع الله له بذلك بين النبوّة والشهادة.
وتكون الحياة الثابتة للشهداء لا تختصّ بمن قتل في المعركة ، فإنّا إنّما اشترطنا ذلك في الأحكام الدنيويّة ، كالغسل ، والصلاة ، أمّا الآخرة فلا ، وهذا لا شكّ فيه بالنسبة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأمّا غيره وغير شهداء المعركة ؛ ممّن شهد له الشرع بالشهادة ، كالمطعون ، والمبطون ، والغريق ، ونحوهم ، فهل نقول : إنّ الحياة الثابتة للمقتولين في سبيل الله