ولمّا أجرى معاوية رضى الله عنه العين التي استنبطها بالمدينة ، وذلك بعد احد بنحو من خمسين سنة ، ونقل الموتى ، أصابت المسحاة قدم حمزة رضى الله عنه فسال منه الدم.
ووجد عبد الله بن حرام كأنّما دفن بالأمس.
وروى كافّة أهل المدينة أنّ جدار قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا انهدم أيّام الوليد ، بدت لهم قدم عمر بن الخطّاب رضى الله عنه وكان قتل شهيداً.
ولا حاجة إلى الإكثار من ذلك ؛ فقد صحّ أنّ الأنبياء لا تأكل الأرض أجسادهم ، وورد مثله في الشهداء.
ويعني بالشهيد من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.
فلا يرد علينا : أنّا قد نرى من يقاتل وتأكله الأرض لكن بقاء الجسد لا يدلّ على حياته والكلام هنا إنّما هو في الحياة ، وقد صحّ في الشهداء أنّهم يقولون : نريد أن تردّ أرواحنا إلى أجسادنا ، وهذا يردّ قول من يقول : إنّ جسد الشهيد حيّ بروحه ، كما كان في الدنيا.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه حيّ بغير تلك الروح ، نوعاً من الحياة مخالفاً للحياة الدنيويّة.
وقد جاء في أرواح الشهداء : «أنّها في أجواف طير تسرح في الجنّة حيث شاءت ، ثمّ تأوي إلى قناديل من تحت العرش».
فمن العلماء من قال : أرواح الشهداء في أجواف طير في الجنّة ، وأرواح غيرهم من المؤمنين في قبورهم ، وممّن ذكر ذلك القرطبيّ في «التذكرة».
ومنهم من طعن في الحديث وقال : إنّه لم يصحّ كونها في حواصل طير ، وزعم أنّها بذلك تكون محبوسة ، نقل ذلك عن أبي الحسن القاليّ وغيره من المالكيّة.
وهو مردود ؛ لأنّ الحديث صحيح.
ومنهم من أوّل «في» بمعنى «على».