وحمل الإيمان على الزائد عليه مجازاً ، من غير دليل ، لا يسوغ.
الثاني : ما يلزمه من تخصيص شفاعة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ببعض المؤمنين ، والأحاديث التي وردت في ذلك عامّة ، وكثرتها تبعد تخصيصها ، ولا ضرورة إلى التخصيص ؛ لما سنبيّنه.
الثالث : أنّ الذي تكنّه القلوب من أعمال القلوب والإيمان ، سواء في الخفاء ، فإذا جعل الله لبعض خلقه أمارة على أعمال القلوب الخفيّة الزائدة على الإيمان ، فلا بدّ أن يجعل له دليلاً على الإيمان.
وإنّما ألجأ القاضي إلى هذا : أنّ من يخرجه الله بغير شفاعة لا بدّ أن يكون الإيمان في قلبه.
وهذا صحيح ؛ لأنّه لا يتعيّن أن يكون من هذه الامّة.
وأمّا ما تمسّك به من أنّ الإيمان لا يتجزّأ.
فجمهور السلف على أنّه يزيد وينقص ، وحقيقته غير متجزّئة ، وليس هذا محلّ تحقيق ذلك.
نعم ، لا بدّ في الردّ على القاضي من تحقيق أنّ الإيمان القائم بالقلب ، يقبل القوّة والضعف ، وإلّا فيصحّ ما قاله.
القول الثاني : أنّ المراد من قال : «لا إله إلّا الله» من غير هذه الامّة ، قاله أبو طالب عقيل بن عطيّة.
وهو الصحيح عندي ـ والعلم عند الله تعالى ـ تمسّكاً بدلالة الألفاظ ، فإنّه لم يقل : «من امّتي» ، وقد سبق أنّه قال : «ما بقي في النار إلّا من حبسه القرآن» والظاهر أنّ المراد من امّته ؛ أي لم يبقَ منهم أحد.
فيكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم طلب بعد ذلك أن يؤذن له في غير امّته ممّن قال : لا إله إلّا الله ، فقيل : «ليس ذلك إليك».