وقد ذكر ابن حبّان حفص بن سليمان المقرئ في كتاب المجروحين ، وذكر ضعفه وقال : إنّه ابن أبي داود (١).
ويبعد القول بأنّه اشتبه عليه وجعلهما اثنين : أحدهما ثقة ، والآخر ضعيف ، على أنّ هذا الاستبعاد مقابل بأنّ ابن عديّ ذكر في ترجمة حفص القارئ حديثاً من رواية أبي الربيع الزهرانيّ ، عن حفص بن أبي داود ، عن الهيثم بن حبيب ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه قال : مرّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم برجل يصلّي قد سدل ثوبه ، فعطفه عليه (٢).
ويبعد أيضاً أن يكونا اثنين ، ويشتبه على ابن عديّ فيجعلهما واحداً.
والموضع موضع نظر ، فإن صحّ مقتضى كلام ابن حبّان زال الضعف فيه ، ولا ينافي هذا كونه جاء مسمّى في رواية هذا الحديث ؛ لجواز أن يكون قد وافق حفصاً القارئ في اسم أبيه وكنيته.
وإن كان هو القارئ كما حكم به ابن عديّ وغيره ، وهو ابن امرأة عاصم ، فقد أكثر الناس الكلام فيه ، وبالغوا في تضعيفه ، حتّى قيل عن عبد الرحمن بن يوسف بن خِراش : إنّه كذّاب متروك يضع الحديث.
وعندي أنّ هذا القول سرف ، فإنّ هذا الرجل إمام قراءة ، وكيف يعتقد أنّه يقدم على وضع الحديث والكذب ، ويتّفق الناس على الأخذ بقراءته؟! (٣)
__________________
(١) المجروحين لابن حبان (٢ / ٢٥٠) ولاحظ (١ / ٢٥٥).
(٢) الكامل لابن عدي (٢ / ٧٨٩) ترجمة حفص بن سليمان.
(٣) وهكذا تجدهم ، لا يحفظون حُرْمَة القرآن ، فيتهمون أكبر قرّائه بمثل هذا ، من دون أن يتنبهوا إلى ما ذا يجرّ عملهم؟! فهذا (حفص) هو صاحب القراءة المتداولة بين المسلمين المعروفة بقراءة (حفص عن عاصم) ولكن كلا الرجلين مجروحان عند هؤلاء ، لأنّهما من الشيعة ،