الخضراء من الأرض ، وأودع في الشجرة العناصر الأوّلية القابلة للاشتعال ؛ لقد جعل الله ، سبحانه ، النار في الدنيا تذكرة للناس بنار الاخرة (وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ) (٧٣) أي للمسافرين (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٧٤) أي نزّه الله ، سبحانه ، وأنسب إليه ، جلّ جلاله ، العظمة والقدرة والخلق والإبداع ، فهو الإله العلي القدير.
مواقع النجوم
في الآيات [٧٥ ـ ٨٠] نلمس سموّ القرآن وطهارته ، وعلوّ شأنه ومنزلته. وقد مهّدت الآيات ببيان آثار القدرة ، في خلق النجوم ، وتحديد أماكنها ، وتنظيم سيرها ، بحيث لا يصطدم نجم باخر. قال تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (٧٧).
«ويقول الفلكيون ، إنّ من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدّة بلايين نجم ، ما يمكن رؤيته بالعين المجردة ، وما لا يرى إلّا بالمجاهر والأجهزة ، وما يمكن أن تحسّ به الأجهزة دون أن تراه ؛ هذه كلّها تسبح في الفلك الغامض ، ولا يوجد أيّ احتمال أن يقترب مجال مغناطيسي لنجم ، من مجال نجم آخر ، أو يصطدم بكوكب آخر ، إلّا كما يحتمل تصادم مركب في البحر الأبيض المتوسط باخر في المحيط الهادي يسيران في اتجاه واحد وبسرعة واحدة ، وهو احتمال بعيد وبعيد جدا ان لم يكن مستحيلا» (١).
(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (٧٧).
وليس قول كاهن ، كما تدّعون ، ولا قول مجنون ، ولا مفتر على الله من أساطير الأولين ، ولا تنزّلت به الشياطين ؛ الى آخر هذه الأقاويل. إنما هو قرآن كريم ، كريم بمصدره ، وكريم بذاته ، وكريم باتجاهاته ، كريم على الله ، كريم على الملائكة ، كريم على المؤمنين.
(لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (٧٩) من دنس الشّرك والنفاق ، ودنس الفواحش ، أي لا تصل أنوار القرآن وبركاته وهدايته ، إلّا إلى القلوب الطاهرة.
__________________
(١). عبد الرزاق نوفل الله والعلم الحديث ، ص ٣٣.