المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الواقعة» (١)
إن قيل : ما الحكمة من التكرار في قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) (١٠)؟
قلنا ، فيه وجهان : أحدهما أنه تأكيد مقابل لما سبقه من التأكيد في قوله تعالى : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) (٩). كأنه قال تعالى : والسابقون هم المعروف حالهم ، المشهور وصفهم. ونظيره قول أبي النجم : «أنا أبو النّجم وشعري شعري». الثاني : أنّ معناه : والسابقون إلى طاعة الله ، هم السابقون إلى جنته وكرامته ، ثم قيل المراد بهم السابقون إلى الإيمان من كلّ أمّة ، وقيل الذين صلّوا إلى القبلتين ، وقيل أهل القرآن ، وقيل السابقون الى المساجد ، وقيل السابقون الى الخروج في سبيل الله ، وقيل هم الأنبياء صلوات الله عليهم ، فهذه خمسة أقوال.
فإن قيل : لم قال تعالى : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) (١٧) ، مع أن التخليد ليس صفة مخصوصة بالولدان في الجنة ، بل كلّ أهل الجنة مخلّدون فيها ، لا يشيبون ولا يهرمون ، بل يبقى كلّ واحد أبدا على صفته التي دخل الجنة عليها؟
قلنا : معناه أنّهم لا يتحوّلون عن شكل الولدان. وقيل مقرّطون. وقيل مسوّرون ، ولا إشكال على هذين القولين.
فإن قيل : لم قال تعالى : (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣)
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئله القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.