المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورة «الطور» (١)
أقول : وجه وضعها بعد «الذاريات» : تشابههما في المطلع والمقطع ، فإنّ في مطلع كلّ منهما صفة حال المتّقين بقوله تعالى في الآيات ١٥ ـ ١٧ من سورة الذاريات : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ) ، الآيات. وفي مقطع كل منهما صفة حال الكفّار ، بقوله في تلك : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) [الذاريات : ٦٠]. وفي هذه : (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) [الآية ٤٢] (٢).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه : ١٩٧٨ م.
(٢). ومن المناسبة بين الطور والذاريات أنه تعالى ذكر تكذيب الكافرين ، وردّ عليهم بإيجاز في الذاريات بقوله سبحانه : (كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (٥٢) وما بعدها. ثم فصّل ذلك في الطور من قوله جل وعلا : (فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) (٢٩) الى آخر السورة.