الرجال بالرجال ، وهو انتكاس للفطرة وشرود في الرذيلة ، ولقد حذرهم لوط مغبة فعلتهم ، فكذبوه وجادلوا بالباطل ، وجاءت الملائكة الى نبي الله لوط في صورة رجال عليهم مسحة الجمال والجلال ، فرغب قوم لوط ان يفعلوا فعلتهم الشنعاء في الملائكة ، وراودوه عن ضيفه ليفعلوا بهم اللّواط ، فاستحقوا عقوبة السماء ، وأرسل الله عليهم حاصبا أي ريحا تحمل الحجارة ليذوقوا العذاب.
٥ ـ ثم تعرض حلقة قصيرة عن فرعون وعناده وجحوده ، وعقاب الله له حيث أخذه أخذ عزيز مقتدر.
وفي الآيات الأخيرة من السورة [٤٣ ـ ٥٥] تعقيب على هلاك السابقين ، وتوجيه لأهل مكة بأنهم لن يكونوا أحسن حالا ممن سبقهم ؛ ثم إنّ السّاعة تنتظرهم وهي أدهى وأمرّ من كلّ عذاب شاهدوه فيما سبق ، أو سمعوا وصفه فيما مرّ ، من الطوفان الذي أصاب قوم نوح ، الى الريح الصرصر مع عاد ، الى الصاعقة مع ثمود ، الى الحاصب مع قوم لوط ، الى إغراق فرعون.
٥ ـ حكمة الخالق
وتشير الآيات الى حكمة الله العالية (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وهذه الحكمة تظهر في خلق الكون ، وفي خلق السماء والأرض ، وفي خلق الإنسان ، وفي خلق الطيور والحيوانات ، وفي سائر خلق الله (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤٥) [النور].
إنّ قدرة الله تعالى وراء طرف الخيط البعيد لكل حادث ، ولكلّ نشأة ولكلّ مصير ، ووراء كل نقطة وكل خطوة وكل تبديل أو تغيير ، إنّه قدر الله سبحانه ، النافذ الشامل الدقيق العميق.
وأحيانا تخفى الحكمة على العباد ، فيستعجلون أمرا ، والله لا يعجّل لعجلة العباد ؛ فالواجب أن يرضى المؤمن بالقضاء والقدر ، وأن يحني رأسه أمام حكمة الله ومشيئته.
ثم يعرض الختام مشهد المجرمين يسحبون في النار على وجوههم ليذوقوا العذاب. ويعرض مشهد المتقين في نعيم الجنة ، ورضوان الله العلي القدير.