المبحث الثاني ترابط
الآيات في سورة «الجمعة» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة الجمعة بعد سورة الصفّ ، ونزلت سورة الصف فيما بين صلح الحديبية وغزوة تبوك ، فيكون نزول سورة الجمعة في ذلك التاريخ أيضا ؛ وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في الآية التاسعة منها : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ). وتبلغ آياتها إحدى عشرة آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة الحثّ على العمل بالعلم ، وتوبيخ من لا يعمل بعلمه من المنافقين واليهود ، ولهذا ـ والله أعلم ـ جعلت هذه السورة بعد سورة الصفّ ، لأنّها توافقها وتوافق السور التي قبلها في هذا السياق.
الحث على العمل بالعلم
الآيات [١ ـ ١١]
قال الله تعالى : (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (١) ، فذكر سبحانه تسبيح ذلك له ، وأنه بعث في الأمّيّين رسولا يعلّمهم ويزكّيهم ، ليجمعوا بهذا بين العلم والعمل به. ثمّ ذمّ اليهود الذين يعلمون التوراة ولا يعملون بها ، فجعل مثلهم في حملها وعدم الانتفاع بها ، كمثل الحمار يحمل أسفارا ؛ ثمّ ذكر ، جلّ وعلا ، ما يتّكلون عليه في ترك العمل ، وهو زعمهم أنهم أولياؤه من
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.