المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الرحمن» (١)
تاريخ نزولها وتسميتها
نزلت سورة «الرحمن» بعد سورة «الرعد» ، ونزلت سورة «الرعد» ، فيما بين صلح الحديبية وغزوة تبوك ، فيكون نزول سورة «الرحمن» في ذلك التاريخ أيضا. وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لافتتاحها به في قوله تعالى : (الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ) ٩٩ (٢) وتبلغ آياتها ثماني وسبعين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة ، الدعوة إلى الله تعالى ، بطريق الترغيب ، وذلك بتعداد نعمه على عباده ، وقد أخذ المشركون في السورة السابقة ، بطريق الإنذار والترهيب ، فأخذوا في هذه السورة بطريق الترغيب ، تفنّنا في السياق ، وتجديدا لنشاط السامع ، على أنها لم تخل مع هذا من الأخذ بالترهيب أيضا.
تعداد نعم الله على عباده
الآيات [١ ـ ٧٨]
قال الله تعالى : (الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ) (٣) فذكر سبحانه نعمته على عباده بإنزال القرآن لهدايتهم ، وبخلقهم وتعليمهم البيان ، وبخلق الشمس والقمر بحسبان ، وبخلق النجم والشجر ، وبرفع السماء ووضع الميزان ، وبوضع الأرض وما فيها ، من فاكهة ونخل وحبّ وريحان ؛ ثم ذكر سبحانه أنه خلق الإنسان من
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفني في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرخ.