المبحث الأول
أهداف سورة «الذّاريات» (١)
سورة مكّيّة وآياتها ستّون آية ، نزلت بعد سورة الأحقاف.
معاني السورة
بدأت السورة بهذا القسم :
(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ) (٦)
وهي كلمات غير مطروقة وغير متداولة ، وقد سئل الإمام علي كرّم الله وجهه ، عن معنى قوله تعالى : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) (١) فقال رضي الله عنه : هي الريح ، فسئل عن (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) (٢) فقال : هي السحاب ، فسئل عن (فَالْجارِياتِ يُسْراً) (٣) فقال : هي السفن ، فسئل عن (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) (٤) فقال : هي الملائكة.
(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) (١) هي الريح التي تذرو التراب وغيره ، (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) (٢) أي السحب الحاملة للمطر ، والوقر الحمل الثقيل ، (فَالْجارِياتِ يُسْراً) (٣) أي السفن الجارية في البحر جريا سهلا ، (فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً) (٤) أي الملائكة التي تقسم وتوزع أمور الله من الأمطار والأرزاق وغيرها.
لقد أقسم الله ، جلّ جلاله ، بالريح وبالسحب وبالسفن وبالملائكة ، وفي هذا القسم ما يوحي بأن الرزق بيد الله ، فهو الذي يسوق السحاب ، وهو الذي يسخر الريح للسفن ، وهو الذي جعل الملائكة أصنافا تقسم الأمور ، فالخلق
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.