المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «القمر» (١)
١ ـ قال تعالى : (حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ) (٥).
أقول : ولو لا خط المصحف لكان الرسم : فما تغني النذر ، بالياء في «تغني». وخطّ المصحف في حذف الياء هذه كان لغرض صوتي ، هو أن المد الطويل الذي تحققه الياء يحدث ضربا من الثّقل ، عند وصل الفعل بالفاعل «النذر». فكأن اتصال الكسرة بضمة النون هو اتصال منسجم ، لا يتحقّق لو رسمت الياء ، فاقتضت ما تستحق من المدّ.
٢ ـ وقال تعالى : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) (٦).
في قوله تعالى : (يَدْعُ الدَّاعِ) ، وحذفت الواو من الفعل ، والياء من الاسم لقصر المدّ الذي يقتضيه إحسان وصل الكلمة بالكلمة التي تتلوها ، إحسانا في الأداء لا يتوفّر مع وجود أصوات المدّ.
وقوله تعالى : (نُكُرٍ) ، أي : منكر ، وهو من باب الوصف بالمصدر.
٣ ـ وقال تعالى : (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ) [الآية ٢٥].
والأشر : البطر المتكبر.
أقول : وفي لغة المعاصرين يقال : مفترس أشر ، أو طمّاع أشر أي : شديد الشراهة والإقبال على الافتراس والقتل والفتك.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.