المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «الطور» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٢٠) مع أن الحور العين في الجنة مملوكات ملك يمين لا ملك نكاح؟
قلنا : معناه قرنّاهم بهن من قولهم زوّجت إبلي : أي قرنت بعضها إلى بعض ، وليس من التزويج الذي هو عقد النكاح ، ويؤيّده أن ذلك لا يعدّى بالباء بل بنفسه كما قال تعالى : (زَوَّجْناكَها) [الأحزاب : ٣٧] ويقال زوّجه امرأة ولا يقال بامرأة.
فإن قيل : لم قال الله تعالى في وصف أهل الجنة (كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) (٢١) أي مرهون في النار بعمله؟
قلنا : قال الزمخشري : كأن نفس كل عبد ترهن عند الله تعالى بالعمل الصالح الذي هو مطالب به ، كما يرهن الرجل عبده بدين عليه ، فإن عمل صالحا فك الرهن عنها ، وخلصت ، وإلا أوبقت. وقال غيره : هذه جملة من صفات أهل النار وقعت معترضة في صفات أهل الجنة ؛ ويؤيّده ما روي عن مقاتل ، أنه قال : معناه : كل امرئ كافر بما عمل من الكفر مرتهن في النار ، والمؤمن لا يكون مرتهنا ، لقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ) (٤٠) [المدّثّر].
فإن قيل : لم قال تعالى في حقّ النبي (ص) : (فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) (٢٩) ، وكل
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.