المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «الجمعة» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) [الآية ٩] والسعي : العدو ؛ والعدو إلى صلاة الجمعة ، وإلى كل صلاة ، مكروه؟
قلنا : المراد بالسعي القصد. وقال الحسن : ليس هو السعي على الأقدام ، ولكنه على النيّات والقلوب ، ويؤيّد قول الحسن قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) (٣٩) [النجم] ، وقول الداعي في دعاء القنوت : وإليك نسعى ونحفد (٢) ، وليس المراد به العدو والإسراع بالقدم.
فإن قيل : لم قال تعالى : (انْفَضُّوا إِلَيْها) [الآية ١١]. والمذكور شيئان اللهو والتجارة؟
قلنا : قد سبق جواب هذا في سورة التوبة في قوله تعالى : (وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) [التوبة : ٣٤] والذي يؤيّده هنا ما قاله الزّجّاج معناه : «وإذا رأوا تجارة انفضّوا إليها» «أو لهوا انفضّوا إليه» ، فحذف أحدهما لدلالة المذكور عليه.
وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه (إليهما) بضمير التثنية ، وعليه فلا حذف.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.
(٢). حفد : خفّ في العمل ، وأسرع.