المبحث الأول
أهداف سورة «النجم» (١)
سورة «النجم» سورة مكية وآياتها ٦٢ آية ، نزلت بعد سورة «الإخلاص».
١ ـ تكريم الرسول
في مطلع السورة نعيش لحظات مع قلب النبي محمد (ص) ، مكشوفة عنه الحجب ، مزاحة عنه الأستار ، يتلقى من الملأ الأعلى ، يسمع ويرى ويحفظ ما وعى ، وهي لحظات خصّ بها ذلك القلب المصفّى ، حينما عرج به في رحاب الملأ الأعلى.
أقسم الله ، جلّ وعلا ، بالثريا إذا سقطت عند الفجر ، أن محمدا راشد غير ضال ، مهتد غير غاو ، مخلص غير مغرض ، مبلّغ عن الحق بالحق غير واهم ، لا مفتر ولا مبتدع ، ولا ناطق عن الهوى في ما يبلّغكم من الرسالة ، (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٤) وهو يبلّغكم ما يوحى إليه صادقا أمينا.
وقد رأى النبي (ص) جبريل (ع) مرتين على صورته التي خلق عليها ، الأولى عند غار حراء ، وكان ذلك في مبدأ الوحي حينما رآه النبي يسدّ الأفق بخلقه الهائل ، ثم دنا منه فتدلى نازلا مقتربا إليه فكان أقرب ما يكون منه على قاب قوسين أو أدنى ، وهو تعبير عن منتهى القرب ، فأوحى إلى عبد الله ما أوحى ، بهذا الإجمال والتفخيم والتهويل.
والثانية ، كانت ليلة الإسراء والمعراج ، فقد دنا منه جبريل وهو على هيئته التي خلقه الله بها مرة أخرى
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.