المبحث الأول
أهداف سورة «الحديد» (١)
سورة «الحديد» سورة مدنية آياتها ٢٩ آية ، نزلت بعد سورة «الزّلزلة».
مطلع السورة
بدأت السورة ببيان قدرة الله العلي القدير ، فهو الخالق الرازق مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام. وهو سبحانه أول بلا ابتداء ، وآخر بلا انتهاء ، وظاهر في كلّ ما تراه العين من سماء وأرض وجبال وبحار ، وباطن فلا تدركه الأبصار ، وهو يدرك الأبصار. وهو خالق الكون كلّه ، القائم على حفظه ، المهيمن على جميع أمره ، المطّلع على خفايا النفوس ، المحاسب على القليل والكثير ، المجازي على الفتيل والقطمير.
«ولما كان مدار السورة على تحقيق الإيمان في القلب ، وما ينبثق عن هذه الحقيقة من خشوع وتقوى ، ومن خلوص وتجرّد ، ومن بذل وتضحية ، فقد سارت في إقرار هذه الحقيقة في النفوس على نسق مؤثّر ، أشبه ما يكون بنسق السور المكّية ، حافل بالمؤثرات ، ذات الإيقاع الاسر ، للقلب والحس والمشاعر.
«وكان مطلعها خاصة مجموعة إيقاعات بالغة التأثير ، تواجه القلب البشري بمجموعة من صفات الله سبحانه ، فيها تعريف به مع الإيحاء الاسر بالخلوص له ، نتيجة للشعور بحقيقة الألوهية المتفرّدة ، وسيطرتها المطلقة على الوجود ، ورجعة كل شيء
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.