المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «المجادلة» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة «المجادلة» بعد سورة «المنافقون» ، ونزلت سورة «المنافقون» بعد غزوة بني المصطلق ، في السنة الخامسة من الهجرة ؛ فيكون نزول سورة «المجادلة» ، فيما بين صلح الحديبية وغزوة تبوك.
وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم ، لقوله تعالى في أوّلها : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها) [الآية ١] وتبلغ آياتها اثنتين وعشرين آية.
الغرض منها وترتيبها
نزلت هذه السورة في خولة بنت ثعلبة ، امرأة أوس بن الصامت ؛ وكان قد ظاهر منها بقوله ، أنت عليّ كظهر أمي ، وكان الظّهار من أشدّ طلاق الجاهلية ، لأنّه في التحريم أوكد ، فأتت النبي (ص) فقالت له : إنّ أوسا تزوّجني وأنا شابّة مرغوب فيّ ، فلمّا خلا سنّي وكثر ولدي جعلني كأمّه ، وإنّ لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إليّ جاعوا. فروى بعضهم أن النبي (ص) قال لها : ما عندي في أمرك شيء. وروى بعضهم أنه قال لها : حرّمت عليه. فقالت له : يا رسول الله ، فاقتي ووجدي. فأنزل الله هذه السورة في تحريم الظّهار ، وبيان حكمه ، وأوعد ، جلّ جلاله ، من يخالف ذلك أشدّ وعيد ؛ وقد ناسب هذا السياق الكلام
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.