المبحث الثاني
ترابط الآيات في سورة «الذاريات» (١)
تاريخ نزولها ووجه تسميتها
نزلت سورة «الذاريات» بعد سورة «الأحقاف» ، ونزلت سورة «الأحقاف» بعد الإسراء وقبيل الهجرة ، فيكون نزول سورة «الذاريات» في ذلك التاريخ أيضا. وقد سمّيت هذه السورة بهذا الاسم لقوله تعالى في أولها : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) (١) وتبلغ آياتها ستين آية.
الغرض منها وترتيبها
الغرض من هذه السورة إنذار المشركين بعذاب الدنيا والاخرة ، وقد أخذوا فيها بالدليل ، ومرّة بالترهيب ، كما أخذوا بذلك في السورة السابقة ، ولهذا جمع بينهما في الذكر ، وجاء ترتيب هذه السورة بعد سابقتها.
إثبات الإنذار بالعذاب
الآيات [١ ـ ٦٠]
قال الله تعالى : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ) (٥) فأقسم بهذا على أن ما يوعدون به من العذاب إن لم يؤمنوا به لصادق ؛ ثم أقسم ، جلّ وعلا ، بالسماء ذات الحبك على أن قولهم في إنكاره مختلف تناقضه أفعالهم ، لأنهم ك انوا يربطون الركائب عند قبور الأكابر ليركبوها عند حشرهم ، ثم أوعدهم على هذا بما أوعدهم به ؛ ثم ذكر أنهم يسألون عن
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «النظم الفنّي في القرآن» ، للشيخ عبد المتعال الصعيدي ، مكتبة الآداب بالجمايز ـ المطبعة النموذجية بالحكمية الجديدة ، القاهرة ، غير مؤرّخ.