يومه استعجالا له واستهزاء به ، وأجاب بأنه يكون يوم يفتنون على النار ويقال لهم : (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) (١٤). ثم ذكر ما يكون للمتقين فيه من جنات وعيون ، ليجمع بهذا بين طريق الترهيب وطريق الترغيب ، ثم انتقل السّياق من هذا إلى الاستدلال بآياته ، سبحانه ، في الأرض وفي أنفسهم وفي السماء لإثبات قدرته على بعثهم وعذابهم ، وختمه بالقسم كما بدأ به : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) (٢٣).
ثم أخذ السياق بعد هذا في ذكر ما فعله الله جلّ جلاله بالمكذّبين قبلهم ترهيبا لهم بهم ، فذكر من ذلك خبر قوم لوط بعد أن مهد له بذكر أخبار الملائكة الذين أرسلوا بهلاكهم مع إبراهيم ، ثم ذكر بعد ذلك خبر موسى وفرعون ، وخبر عاد وما أهلكوا به من الريح العقيم ، وخبر ثمود وما أخذوا به من الصاعقة ، وخبر قوم نوح من قبلهم وهو معلوم. ثم عاد السياق إلى إثبات قدرته عزوجل على ذلك ، بالسماء التي بناها وأوسعها ، والأرض التي فرشها ومهّدها ، إلى غير هذا من آثار قدرته ، ثم أمرهم أن يفرّوا إليه سبحانه من عذابه ، وألا يجعلوا معه آلهة أخرى لا تدفع عنهم منه شيئا ، ثم ذكر أنهم يسلكون في تكذيب ذلك طريق المكذّبين قبلهم ، فيزعمون أن من ينذرهم به ساحر أو مجنون ، وذكر السياق أمر الله تعالى نبيّه (ص) أن يعرض عنهم لأنه لا لوم عليه بعد أن بلّغهم إنذارهم ، وأن يكتفي بالتذكير لأن فيه الكفاية للمؤمنين ، ثم ذكر تعالى أنه لم يخلق الجن والإنس عبثا ، وإنما خلقهم لعبادته وتوحيده ، وهو غنيّ عنهم لا يحتاج الى شيء منهم ، فإذا أشركوا به فإن لهم ذنوبا من العذاب مثل ذنوب من سبقهم من أولئك المكذبين : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (٦٠).