المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورة «الحشر» (١)
آخر سورة المجادلة نزل فيمن قتل أقرباؤه من الصحابة يوم بدر (٢) ، وأوّل الحشر نزل في غزوة بني النضير (٣) وهي عقبها ، وذلك نوع من المناسبة والربط.
وفي آخر المجادلة : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) [الآية ٢١]. وفي أول هذه : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) [الآية ٢].
وفي آخر المجادلة ، الآية ٢٢ ، ذكر من حادّ الله ورسوله (٤) ، وفي أول هذه ذكر من شاقّ الله ورسوله (٥).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه : ١٩٧٨ م.
(٢). وهو قوله تعالى من الآية ٢٢ : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ).
وقيل هم : أبو عبيدة قتل أباه يوم بدر ، وأبو بكر همّ بقتل ولده عبد الرحمن ، ومصعب بن عمير قتل أخاه عبيدا ، وعمر قتل قريبا له ، وحمزة وعلي وعبيدة بن الحارث قتلوا عقبة وشيبة والوليد بن عتبة (طبقات ابن سعد : ٣ : ١ : ٣٠٠).
(٣). وذلك قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) [الآية ٢]. وأخرج البخاري في التفسير : ٦ : ١٨٣ ، ومسلم في التفسير : ٨ : ٢٤٥ عن ابن عباس ، أنّ أول الحشر أنزلت في بني النضير.
(٤). وذلك قوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ).
(٥). وذلك قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) [الآية ٤].