المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورة «القمر» (١)
أقول : لا يخفى ما في توالي هاتين السورتين من حسن التناسق في التسمية ، لما بين «النجم» و «القمر» من الملابسة. ونظيره توالي «الشمس» و «الليل» و «الضحى» ، وقبلها سورة «الفجر».
ووجه آخر : أن هذه السورة بعد «النجم» «كالأعراف» بعد «الأنعام» ، و «كالصافات» بعد «يس» : إنّها تفصيل لأحوال الأمم المشار إلى إهلاكهم في قوله ، تعالى ، هناك : (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) (٥٣) [النجم] (٢).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه : ١٩٧٨ م.
(٢). جاء تفصيل ذلك على الترتيب ، وزيد عليه ، في سورة القمر ، من قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) [الآية ٩] ، إلى قوله سبحانه (فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) (٤٢).