المبحث السابع
المعاني المجازية في سورة «الطور» (١)
في قوله تعالى : (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) (٣٢) استعارة ، أي إن كانوا حكماء عقلاء كما يدّعون ، فكيف تحملهم أحلامهم وعقولهم على أن يرموا رسول الله (ص) بالسّحر والجنون ، وقد علموا بعده عنهما ، ومباينته لهما؟
وهذا القول منهم سفه وكذب ، وهاتان الصفتان منافيتان لأوصاف الحلماء ، ومذاهب الحكماء.
ومخرج قوله سبحانه : (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا) مخرج التبكيت لهم ، والإزراء عليهم. ونظير هذا الكلام قوله سبحانه حاكيا عن قوم شعيب (ع) : (قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا) [هود : ٨٧] أي دينك وما جئت به من شريعتك التي فيها الصلوات وغيرها من العبادات ، تحملك على أمرنا بترك ما يعبد آباؤنا. وقد مضى الكلام على ذلك في موضعه.
وفي قوله سبحانه (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ) (٤٩) وقد قرئ : (وأدبار النجوم) بفتح الهمزة استعارة على القراءتين جميعا.
فمن قرأ بفتح الهمزة كان معناه : وأعقاب النجوم. أي أواخرها إذا انصرفت. كما يقال : جاء فلان في أعقاب القوم. أي في أواخرهم. وتلك صفة تخصّ الحيوان المتصرّف الذي
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «تلخيص البيان في مجازات القرآن» للشريف الرضي ، تحقيق محمد عبد الغني حسن ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، غير مؤرخ.