المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «الصف» (١)
إن قيل : ما فائدة (قد) في قوله تعالى : (وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) [الآية ٥].
قلنا : فائدتها التأكيد ، كأنه قال : وتعلمون علما يقينا لا شبهة لكم فيه. هذا جواب الزمخشري : وقال غيره : فائدتها التكثير ، لأن (قد) مع الفعل المضارع تارة تأتي للتقليل كقولهم : إن الكذوب قد يصدق ، وتارة تأتي للتكثير كقول الشاعر :
قد أعسف النّازح المجهود معسفة |
|
في ظلّ أخضر يدعو هامة البوم |
وإنما يتمدّح بما يكثر وجوده منه ، لا بما يقلّ.
فإن قيل : لم قال عيسى (ع) كما ورد في التنزيل : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) [الآية ٦] ولم يقل محمّد ، ومحمّد أشهر أسماء النبي (ص)؟
قلنا : إنّما قال أحمد ، لأنّه مذكور في الإنجيل بعبارة تفسيرها أحمد لا محمّد ؛ وإنما كان كذلك ، لأنّ اسمه في السماء أحمد وفي الأرض محمد ، فنزل في الإنجيل اسمه السماوي. وقيل إن أحمد أبلغ في معنى الحمد من محمّد ، من جهة كونه مبنيّا على صيغة التفضيل. وقيل محمّد أبلغ من جهة كونه على صيغة التكثير.
فإن قيل : لم قال تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٦) ولم يقل
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.