المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الحديد» (١)
إن قيل : لم قال تعالى : (وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [الآية ٨] ثم قال سبحانه : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٨)؟
قلنا : معناه إن كنتم مؤمنين بموسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام ، فإن شريعتهما تقتضي الإيمان بمحمد (ص). الثاني : إن كنتم مؤمنين بالميثاق الذي أخذه عليكم يوم أخرجكم من ظهر آدم (ع). الثالث : أن معناه : أيّ عذر لكم في ترك الإيمان ، والرسول يدعوكم إليه ، ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبراهين والحجج ، وقد ركّب الله تعالى فيكم العقول ، ونصب لكم الأدلّة ، ومكّنكم من النظر وأزاح عللكم ، فما لكم لا تؤمنون إن كنتم مؤمنين بموجب مّا ، فإن هذا الموجب لا مزيد عليه.
فإن قيل : لم قال تعالى : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) [الآية ١٠] ، ولم يذكر مع من لا يستوي ، والاستواء لا يكون إلا بذكر اثنين ، كقوله تعالى : (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ) [المائدة : ١٠٠] و (لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) [الحشر : ٢٠]؟
قلنا : هو محذوف تقديره : ومن أنفق وقاتل من بعد الفتح ، وإنما حذف لدلالة ما بعده عليه.
فإن قيل : كيف يقال إن أعلى الدرجات بعد درجة الأنبياء درجة الصّدّيقين ، والله تعالى قد حكم لكلّ مؤمن بكونه صدّيقا ، بقوله تعالى :
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئله القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.