أهل مكة أن محمّدا (ص) سحر الناس جميعا.
قال تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (٢).
ويرى بعض المفسّرين أنّ الآية تخبر عن الأحداث الكونية المقبلة ، فعند قيام الساعة ستنشق الأرض والسماوات كما قال سبحانه (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) (١) [الانشقاق]. كما ينشق القمر وينفصل بعضه عن بعض ، وتتناثر النجوم ، وتبدّل الأرض غير الأرض والسماوات غير السماوات.
سياق السورة وافكارها
في الآيات [١ ـ ٨] وصف لجحود الكافرين ، وعدم إيمانهم بالقرآن ، وانصرافهم عنه إلى الهوى والبهتان.
وفي الآيات تهديد ووعيد لهؤلاء المشركين بيوم الجزاء ، فهم يخرجون من قبورهم خاشعين من الذل ، في حالة سيئة من الرعب والهول ، فيسرعون الخطى ليوم الحشر كأنهم جراد منتشر ، وقد أسقط في أيديهم ، فيقول الكافرون هذا يوم صعب عسر.
خمس حلقات من مصارع
المكذبين
الآيات [٩ ـ ٤٢] تشتمل على عرض سريع لمصارع قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط ، وفرعون وملئه ، وكلّها موضوعات سبقت في سور مكّية ؛ ولكنها تعرض في هذه السورة عرضا خاصّا ، يحيلها جديدة كلّ الجدّة ، فهي تعرض عنيفة عاصفة ، وحاسمة قاصمة يفيض منها الهول ، ويتناثر حولها الرعب ويظللها الدمار والفزع.
وأخصّ ما يميزها في سياق السورة ، أنّ كلّا منها يمثل حلقة عذاب رهيبة سريعة لاهثة مكروبة ، يشهدها المكذّبون ، وكأنّما يشهدون أنفسهم فيها ، ويحسّون إيقاعات سياطها ؛ فإذا انتهت الحلقة وبدءوا يستردّون أنفاسهم اللاهثة المكروبة ، عاجلتهم حلقة جديدة أشدّ هولا ورعبا ، حتّى تنتهي الحلقات الخمس في هذا الجو المفزع الخانق.
١ ـ قوم نوح
[الآيات ٩ ـ ١٧]
ونلمح في الآيات مشهد المكذّبين ،