المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الحشر» (١)
١ ـ قال تعالى : (وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) [الآية ٦].
أقول : الإيجاف من الوجيف وهو السير السريع.
ومعنى قوله تعالى : (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ) ، أي ما أوجفتم على تحصيله وغنمه ، خيلا ولا ركابا ، ولا تعبتم في القتال عليه ، وإنّما مشيتم على أرجلكم.
والمعنى : أن ما خوّل الله رسوله من أموال بني النّضير ، لم تحصّلوه بالقتال والغلبة ، ولكن سلّطه الله عليهم ، وعلى ما في أيديهم ، كما كان يسلّط رسله على أعدائهم.
٢ ـ وقال تعالى : (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ) [الآية ٩].
أقول : الخصاصة الخلّة ، وأصلها خصاص البيت ، أي : فروجه. وهذه الخلّة ، أي : الفرجة استعيرت للحاجة أو الفقر ، فكأن صاحبها به مثل هذا النقص ..
٣ ـ وقال تعالى : (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [الآية ١٤] أي متفرقة.
أقول : كأنّ قوله تعالى : (شَتَّى) جمع شتيت ، وقد أنسي المفرد فاستعملت الكلمة استعمال المفرد صفة.
ونظير هذا كلمة «فوضى» أقول : لعلها في الأصل فضّى جمع فضيض!
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.