المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورة «الممتحنة» (١)
أقول : لمّا كانت سورة الحشر في المعاهدين من أهل الكتاب ، عقّبت بهذه لاشتمالها على ذكر المعاهدين من المشركين ، لأنها نزلت في صلح الحديبية (٢).
ولمّا ذكر ، سبحانه ، في سورة الحشر ، موالاة المؤمنين بعضهم بعضا ، ثمّ موالاة الذين من أهل الكتاب ، افتتح هذه السورة بنهي المؤمنين عن اتّخاذ الكفّار أولياء ، لئلا يشابهوا المنافقين في ذلك ؛ وكرّر ذلك وبسطه ، إلى أن ختم به ، فكانت في غاية الاتّصال ؛ ولذلك ، كان الفصل بها بين الحشر والصف ، مع تأخيهما في الافتتاح ب (سَبَّحَ).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه : ١٩٧٨ م.
(٢). نزلت في حاطب بن أبي بلتعة ، لمّا أخبر المشركين بعزم النبي (ص) على فتح مكّة بعد أن نقض المشركون صلح الحديبية. (البخاري في التفسير : ٦ : ١٨٥ ، ١٨٦ ، والتّرمذي في التفسير : ٩ : ١٩٨. ٢٠٢ بتحفة الأحوذي ومسند الإمام أحمد : ١ : ٧٩ ، ٨٠).