المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «القمر» (١)
إن قيل : ما الحكمة في إعادة التكذيب في قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) [الآية ٩] لما ذا لم يقل عزّ من قائل : كذبت قبلهم قوم نوح عبدنا؟
قلنا : معناه كذّبوا تكذيبا بعد تكذيب. وقيل إن التكذيب الأول منهم بالتوحيد ، والثاني بالرسالة. وقيل التكذيب الأول منهم لله تعالى ، والثاني لرسوله (ص).
فإن قيل : لم قال تعالى في وصف ماء الأرض والسماء : (فَالْتَقَى الْماءُ) [الآية ١٢] ولم يقل فالتقى الماءان؟
قلنا : أراد به جنس المياه.
فإن قيل : الجزاء إنما يكون للكافر لا للمكفور ، فلم قال تعالى : (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) (١٤)؟
قلنا : جزاء مفعول له فمعناه : ففتحنا أبواب السماء وما بعده ممّا كان يسبّب إغراقهم جزاء لله تعالى لأنه مكفور به ، فحذف الجار وأوصل الفعل بنفسه ، كقوله تعالى (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) [الأعراف : ١٥٥] والجزاء يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول كسائر المصادر. الثاني : أنه نوح (ع) إما لأنه مكفور به بحذف الجار ، كما مر من الكفر الذي هو ضد الإيمان ، أو لأنّ كلّ نبيّ نعمة منّ الله بها على قومه ، ومنه قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (١٠٧) [الأنبياء]. وقال رجل للرشيد : الحمد لله عليك ، فقال ما
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.