هذا مستمرون في إعراضهم وزعمهم أن ما ينذرون به سحر لا حقيقة له ، وأنهم يتبعون في تكذيبهم بذلك أهواءهم ، وسيعلمون أنه أمر مستقر ، ولقد جاءهم في القرآن من أنباء من قبلهم ما فيه مزدجر وحكمة لهم ؛ ثم أمر النبي (ص) أن يتولى عنهم لأنهم لا يتبعون إلا أهواءهم ، وأخذ السياق في تهديدهم بذلك اليوم الذي اقترب أجله ، وانتقل هذا السياق من تهديدهم بهذا الى تهديدهم بما حصل لمن كذّب قبلهم ، ففصّل في هذا ما أجمل في قوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤)). وذكر السياق ما حصل لقوم نوح ، وما حصل لعاد ، وما حصل لثمود ، وما حصل لقوم لوط ، وما حصل لآل فرعون ، ثم ذكر أنهم ليسوا خيرا من أولئك المكذّبين قبلهم حتى يبقي الله عليهم ، وأنه سبحانه سيهزم جمعهم ويهلكهم ؛ ثم يذيقهم عند قيام الساعة ما هو أدهى وأمرّ ، وقد فصّل ما يحصل لهم فيها ، ما يحصل فيها للمتقين ، ليجمع بهذا بين الترهيب والترغيب ، فقال سبحانه : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (٥٥).