إنّ الله لا يقضي يوم السبت شأنا. وسأل بعض الملوك وزيره عن الآية ، فاستمهله الى الغد ، وذهب كئيبا يفكّر فيها فقال غلام له أسود : يا مولاي أخبرني ما أصابك ، فأخبره ، فقال الغلام أنا أفسرها للملك فأعلمه ، فقال أيها الملك : شأن الله أنه يولج الليل في النهار ، ويولج النهار في الليل ، ويخرج الحيّ من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ويشفي سقيما ويسقم سليما ، ويبتلي معافى ويعافي مبتلى ، ويعزّ ذليلا ، ويذلّ عزيزا ، ويغني فقيرا. فقال الملك : أحسنت ، وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة ، فقال : يا مولاي هذا من شأن الله. وقيل سوق المقادير إلى المواقيت. وقيل إن عبد الله بن طاهر دعا الحسين بن الفضل ، وقال له أشكلت علي آيات دعوتك لتكشفها لي : قوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٢٩) وقد صح أن القلم جفّ ، بما هو كائن الى يوم القيامة. فقال الحسين : كل يوم هو في شأن ، فإنها شؤون يبديها لا شؤون يبتديها (١) أي يظهرها لعباده في واقع الناس ، على وفق ما قدّره في الأزل ، من إحياء وإماتة ، وإعزاز وإذلال ، وإغناء وإعدام ، وإجابة داع ، وإعطاء سائل ، وغير ذلك ؛ (٢) فالناس يسألونه سبحانه بصفة مستمرّة ، وهو سبحانه مجيب الدعاء ، بيده الخلق والأمر ، يغيّر ولا يتغيّر ، يجير ولا يجار عليه ، يقبض ويبسط ويخفض ويرفع ، وهو بكل شيء عليم.
(قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٦).
__________________
(١). تفسير النسفي ٤ : ١٥٩.
(٢). تفسير الجلالين ص ٤٩٤.