فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤)) بتأنيث ضمير الشجر ثم تذكيره؟
قلنا : قد سبق جوابه في سورة القمر.
فإن قيل : لم قال تعالى : (نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) (٥٧) أي فهلا تصدّقون ، مع أنهم مصدّقون أنه خلقهم ، بدليل قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزخرف : ٨٧]؟
قلنا : هم ، وإن كانوا مصدّقين بألسنتهم ، إلا أنهم لمّا كان مذهبهم على خلاف ما يقتضيه التصديق ، فكأنهم مكذّبون به. الثاني : أنه تخصيص على التصديق بالبعث بعد الموت ، بالاستدلال بالخلق الأول ، فكأنه تعالى قال : هو الذي خلقكم أوّلا باعترافكم ، فلا يمتنع عليه أن يعيدكم ثانيا ، فهلا تصدّقون بذلك؟
فإن قيل : لم قال تعالى في الزرع : (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً) [الآية ٦٥] ، «باللام» وقال تعالى في الماء : (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً) [الآية ٧٠] بغير لام؟
قلنا : الأصل ، لغة ، أن تذكر اللام في الموضعين ، إذ لا بد منها في جواب «لو» ، إلّا أنها حذفت في الثاني اختصارا ، وهي مؤدّية لدلالة الأولى عليها. الثاني : أن أصل هذه اللام للتأكيد ، فذكرت مع المطعوم دون المشروب ، لأنّ المطعوم مقدّم وجودا ورتبة ، لأنه إنما يحتاج إلى الماء تبعا له ، ولهذا قدّمت آية المطعوم على آية المشروب ؛ فلما كان الوعيد بفقد المطعوم أشدّ وأصعب ، أكّدت تلك الجملة مبالغة في التهديد.
فإن قيل : التسبيح : التنزيه عن السوء ، فما معنى (بِاسْمِ) في قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) (٧٤) لم لم يقل تعالى : «فسبح ربك العظيم»؟
قلنا : فيه وجوه : أحدها : أنّ الباء زائدة ، والاسم بمعنى الذات ، فصار المعنى ما قلتم. الثاني : أنّ الاسم بمعنى الذّكر ، فمعناه فسبح بذكر ربك. الثالث : أن الذّكر فيه مضمر ، فمعناه فأحدث التسبيح بذكر اسم ربك. الرابع : قال الضّحّاك : معناه فصلّ باسم ربك : أي افتتح الصلاة بالتكبير.
فإن قيل : إذا كان القرآن صفة من صفات الله تعالى ، قديمة قائمة بذاته المقدّسة ، فلم قال تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ