المبحث الأول
أهداف سورة «المدّثّر» (١)
سورة المدّثّر سورة مكية ، آياتها ٥٦ آية ، نزلت بعد سورة المزّمّل.
وينطبق على سورة المدّثّر ، من ناحية سبب نزولها ، ووقت نزولها ، ما ينطبق على سورة المزّمّل ؛ فهناك روايات بأنها هي أول ما نزل بعد سورة العلق ، ورواية أخرى بأنها نزلت بعد الجهر بالدعوة ، وإيذاء المشركين للنبي (ص).
ويمكن التوفيق بين هذه الروايات ، بأنّ صدر سورة المدّثّر أول ما نزل من القرآن الكريم بعد سورة العلق ، وهو من أوّل السورة إلى قوله تعالى : (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) (٧).
وأنّ الآيات التالية قد نزلت بعد الجهر بالدعوة ، وربما كانت تعني شخصا معينا هو الوليد بن المغيرة (٢).
وأيّا مّا كان السبب والمناسبة ، فقد تضمّنت السورة في مطلعها ذلك النداء العلويّ ، بانتداب النبي (ص) لهذا الأمر الجلل ، وانتزاعه من النوم والتدثّر والدفء ، إلى الجهاد والكفاح والمشقة [الآيات من ١ ـ ٧].
ثم تضمّنت بعد هذا تهديدا ووعيدا للمكذّبين بالآخرة ، وبحرب الله المباشرة ، كما تضمّنت ذلك سورة المزّمّل سواء بسواء ، [الآيات من ٨ ـ ١٧].
وتعيّن سورة المدثر أحد المكذّبين بصفته ، وترسم مشهدا من مشاهد كيده ، على نحو ما ورد في سورة
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.
(٢). في ظلال القرآن ٢٩ : ١٨٠