المبحث الخامس
لغة التنزيل في سورة «الإنسان» (١)
١ ـ وقال تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) [الآية ٢].
ونمط التركيب في قوله تعالى : (نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) كنمط التركيب في قولهم : برمة أعشار ، وبرد أكياش فقد وصف المفرد بهذه الصفات على «أفعال» ، فقالوا : هي ألفاظ مفردة غير جموع. على أنه سمع «مشج» مفرد أمشاج.
٢ ـ (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) [الآية ٦].
أقول : والمعنى يشرب منها ، ولا عبرة لما قيل ب «التضمين» أي : إن الباء تضمنت معنى «من» ، وذلك لأن كلام الله جرى على لغة العرب ، والعرب قد تصرفت بلغتها تصرفا واسعا. ولله حكمة بالغة في وضع كلامه على هيئة لم يدركها البشر.
٣ ـ وقال تعالى : (وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً) (١٦).
أقول : من أجل حسن الأداء وتناسب الفواصل جاءت (قَوارِيرَا) (١٥) بالمد الناجم عن سقوط التنوين المفترض ، فإذا ذهب السبب عادت «قوارير» غير ممدودة.
ومن أجل شيء آخر وردت (سلاسلا) على الصورة التي جاءت عليها «قواريرا» في قوله تعالى : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) (٤).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «من بديع لغة التنزيل» ، لإبراهيم السامرّائي ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، غير مؤرّخ.