المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «القيامة» (١)
فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (١٨) والقارئ على النبي (ص) إنّما هو جبرائيل (ع)؟
قلنا : معناه فإذا جمعناه في صدرك ، ويؤيّده قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) (١٧) أي : إن علينا جمعه وضمّه في صدرك فلا تعجل بقراءته قبل أن يتمّ حفظه. وقيل إنما أضيفت القراءة إلى الله تعالى ، لأن جبريل (ع) يقرأه بأمره كما تضاف الأفعال إلى الملوك والأمراء بمجرد الأمر ، مع أن المباشر لها أعوانهم أو أتباعهم.
فإن قيل : لم قال الله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٢٣) والذي يوصف بالنظر الذي هو الإبصار والإدراك ، إنما هو العين دون الوجه؟
قلنا : قيل إن المراد بالوجوه هنا السعداء وأهل الوجاهة يوم القيامة لا الوجه الذي هو العضو ؛ ولا أرى هذا الجواب مطابقا لقوله تعالى : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) (٢٤) لأن العبوس والقطوب إنما يوصف به الوجه الذي هو العضو ، ومما يؤيد أن المراد بقوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) (٢٢) الأعضاء المعروفة قوله تعالى : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (٢٤) [المطففين].
فإن قيل : النطفة المنيّ ، فما الحكمة في قوله تعالى : (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (٣٧)؟
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.