المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «الإنسان» (١)
إن قيل : لم قال الله تعالى : (مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ) [الآية ٢] فوصف المفرد وهي النطفة بالجمع وهو الأمشاج جمع مشج ، والأمشاج الأخلاط ، والمراد أنه مخلوق من نطفة مختلطة من ماء الرجل والمرأة؟
قلنا : قال الزمخشري رحمة الله تعالى عليه : أمشاج لفظ مفرد لا جمع كقولهم : برمة أعشار ، وبيت أكباش ، وبر أهدام. وقال غيره الموصوف به أجزاء النطفة وأبعاضها.
فإن قيل : لم قال الله تعالى : (وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) [الآية ٢١] مع أن ذلك في الدنيا إنما هو عادة الإماء ، ومن في مرتبتهنّ؟
قلنا : القرآن أول من خوطب به العرب ، وكان من عادة رجالهم ونسائهم التحلي بالذهب والفضة منفردين ومجتمعين. الثاني : أنّ الاسم ، وإن كان مشتركا بين فضة الدنيا والاخرة ، ولكن شتان ما بينهما. قال النبي (ص) «المثقال من فضة الاخرة خير من الدنيا وما فيها». وكذا الكلام في السندس والإستبرق وغيرهما مما أعده الله تعالى في الجنّة.
فإن قيل : أيّ شرف لتلك الدار يسقي الله تعالى عباده الشراب الطهور فيها ، مع أنه تعالى في الدنيا سقاهم ذلك ، بدليل قوله تعالى : (وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) (٢٧) [المرسلات] وقوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.