المبحث السادس
لكل سؤال جواب في سورة «المزّمّل» (١)
إن قيل : ما معنى وصف القرآن بالثّقل في قوله تعالى (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥)؟
قلنا : فيه وجوه : أحدها أنه كان يثقل نزول الوحي على النبي (ص) ، حتّى يعرق عرقا شديدا في اليوم الشاتي. الثاني : أن العمل بما فيه من التكاليف ، ثقيل شاق. الثالث : ثقيل في الميزان يوم القيامة. الرابع : أنّه ثقيل على المنافقين. الخامس : أنه كلام له وزن ورجحان ، كما يقال للرجل العاقل : رزين راجح. السادس : أنه ليس بسفساف ، لأن السفساف من الكلام يكون خفيفا.
فإن قيل : لم قال تعالى (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) [الآية ١٨] ولم يقل سبحانه منفطرة به ، والسماء مؤنثة؟
قلنا : هو على النسبة : أي ذات انفطار. وقيل ذكّرت السماء على معنى السقف. وقيل معناه السماء شيء منفطر به. وقيل السماء تذكر وتؤنث.
فإن قيل : لم قال تعالى : (وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) [الآية ٢٠] ولم يقل تعالى أن لن تحصوهما : أي لن تعرفوا تحقيق مقادير ساعات الليل والنهار؟
قلنا : الضمير عائد إلى مصدر ، يقدّر معناه : لن تحصوا تقديرهما.
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.