المبحث الثالث
أسرار ترتيب سورة «المزّمّل» (١)
أقول : لا يخفى وجه اتّصال أوّلها : (قُمِ اللَّيْلَ) [الآية ٢]. بقوله تعالى في آخر تلك : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) [الجن : ١٩]. وبقوله سبحانه : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ) [الجن : ١٨] (٢).
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب : «أسرار ترتيب القرآن» للسيوطي ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، دار الاعتصام ، القاهرة ، الطبعة الثانية ، ١٣٩٨ ه : ١٩٧٨ م.
(٢). من المناسبة أنه تعالى لمّا قال في نهاية الجن : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) [الجن]. افتتح المزمّل بذكر بداية إرسال النبي (ص) ، وما كلّف به من شعائر العبودية والعبادة والدعوة. وذلك لأنّ النبيّ (ص) بعث بين يدي الساعة ، كما جاء في السنّة ؛ وقد قال تعالى في الجن : (إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ) [الآية ٢٥]. فكأنه قال : هذه المزمّل علم من أعلامها ، فهو الذي اصطفاه سبحانه ، ليظهره على غيبه ، وأنه بين يدي الساعة.