المبحث الأول
أهداف سورة «القيامة» (١)
سورة القيامة سورة مكية ، آياتها ٤٠ آية ، نزلت بعد سورة القارعة.
هي سورة تتحدث عن القيامة ، وعن النفس اللوّامة ؛ وتحشد على القلب البشري ، من الحقائق والمؤثّرات ، والصور والمشاهد ، ما لا قبل له بمواجهته ولا التفلّت منه.
ومن تلك الحقائق الكبيرة ، التي تحشدها السورة في مواجهة القلب البشري ، حقيقة الموت القاسية الرهيبة ، التي تواجه كلّ حي ، وتتكرّر كلّ لحظة ، ويواجهها الكبار والصغار ، والأغنياء والفقراء والأقوياء والضعاف ، ويقف الجميع منها موقفا واحدا ، هو الاستسلام والخضوع لقدرة العلي القدير (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) (٣٠).
ومن تلك الحقائق ، التي تعرضها السورة ، حقيقة النشأة الأولى ؛ وأن من خلق الإنسان ، من نطفة ، قادر على أن يعيده مرة أخرى (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (٣٦) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى) (٣٧).
ومن المشاهد المؤثرة ، في السورة ، مشهد القيامة ، وقد وقف الجميع للحساب ، وزاغت الأبصار ، واشتدّ الهول ، ولقي كل إنسان جزاءه : (يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (٦) فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ) (٧) ... إلخ.
ومن هذه المشاهد : مشهد المؤمنين المطمئنين إلى ربّهم ، المتطلعين إلى وجهه الكريم ، ومشهد الآخرين المقطوعي الصلة بالله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.