المبحث الأول
أهداف سورة «الجنّ» (١)
سورة الجن سورة مكية ، آياتها ٢٨ آية ، نزلت بعد سورة الأعراف.
وهي سورة تصحّح كثيرا من المعلومات الخاطئة لأهل الجاهلية عن الجن ، فقد كانوا يزعمون أن محمّدا (ص) ، يتلقّى من الجن ما يقوله لهم عنها ، فتجيء الشهادة من الجن أنفسهم بهذه القضايا التي يجحدونها ويجادلون فيها ، وبتكذيب دعواهم في استمداد محمّد (ص) من الجن شيئا.
والجن لم يعلموا بهذا القرآن إلّا حينما سمعوه من محمّد (ص) ، فهالهم وراعهم ومسّهم منه ما يدهش ويذهل ، فانطلقوا يحدّثون عن هذا الحدث العظيم ، الذي شغل السماء والأرض ، والإنس والجن والملائكة والكواكب ، وترك آثاره ونتائجه في الكون كلّه ، وهي شهادة لها قيمتها في النفس البشريّة حتما.
أوهام عن الجن
كان العرب يبالغون في أهمّية الجن ، ويعتقدون أنّ لهم سلطانا في الأرض ، فكان الواحد منهم ، إذا أمسى بواد أو قعر ، لجأ إلى الاستعاذة بعظيم الجن الحاكم لما نزل فيه من الأرض ، فقال أعوذ بسيّد هذا الوادي من سفهاء قومه ، ثم بات آمنا.
كذلك كانوا يعتقدون أنّ الجنّ تعلم الغيب ، وتخبر به الكهّان ، فينبئون بما يتنبّأون ؛ وفيهم من عبد الجنّ ، وجعل بينهم وبين الله نسبا ؛ وزعم أن له
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.