على الكفر ، وبعدهم عن قبول الحق.
لقد صبر الرسل ، وصابروا ، من أجل إبلاغ الدعوة إلى قومهم ، وحملوا كلمة الله ناصعة نقية واضحة سليمة ، وعرضوها أمام العيون والقلوب لتبصر وترى آثار قدرة الله وعظيم خلقه ، وليكون إيمانها عن بيّنة ويقين ، ولئلا يحتجّ إنسان يوم القيامة بأن الرسالة لم تبلغه ؛ قال تعالى :
(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) [النساء : ١٦٥].
ومن هؤلاء الرسل ، خمسة كانوا أكثر معاناة مع قومهم ، وهم سيدنا نوح ، وسيدنا ابراهيم ، وسيدنا موسى ، وسيدنا عيسى ، وسيدنا محمد عليهم الصلاة والسلام.
وقد كان جهادهم مع قومهم ، آية في تحمّل البلاء والصبر على الإيذاء والعناد ، قال تعالى : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف : ٣٥].
لقد صبر نوح (ع) دهرا طويلا على قومه ، وألقي ابراهيم (ع) في النار ، وأوذي موسى (ع) أبلغ الأذى فصبر ، وحاول اليهود الإيقاع بالمسيح (ع) والإغراء بقتله فرفعه الله تعالى اليه ، وكان خاتم الرسل محمد (ص) يتحمّل صنوف الأذى وألوان الاضطهاد في مكّة ، ويتحمل نفاق المنافقين وكيد اليهود في المدينة. ولكنّ العاقبة كانت للمتقين. لقد أدّى الرسل واجبهم ، وبلّغوا رسالتهم ، ونجّاهم الله مع المؤمنين ، ثم عاقب الجاحدين.
(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (١٧٣) [الصافات].
مع آيات السورة
[الآيات ١ ـ ٤] : أرسل الله نوحا (ع) ، ليدعو قومه إلى عبادة الله سبحانه وطاعته ، وقد بلّغ نوح دعوة ربه إلى قومه ، ولخّص دعوته في ثلاث كلمات : اعبدوا الله وحده ؛ واتقوه وآمنوا به عن يقين ؛ وأطيعوا رسولكم فيما يأمركم به ، وينهاكم عنه.
وبهذا الإيمان تستحقّون مغفرة الله لكم ، والبركة في أعماركم ، ولا شكّ أنّ للطاعات مدخلا في راحة البال واستقرار العيش ، وهدوء النفس ، وهذا بلا ريب ، يطيل هناءة العمر ، ويجعله مباركا حافلا بالأعمال النافعة.